كان الموسيقار سراج عمر (رحمه الله) مهووساً بالأجهزة الإلكترونية وكل ما يتعلق بها، أتذكر أنني حين دخلت غرفته الخاصة والتي يسمِّيها «الصومعة»، ذهلت من كمية الأجهزة الإلكترونية الحديثة فيها، وقد كانت الصومعة تحتوي بالطبع الكثير من الآلات الموسيقية والدروع والتسجيلات القديمة والنادرة، التي تدل على أنك داخل غرفة فريدة لا تخص سوى موسيقار عظيم، وأتذكر كذلك أنني حين أردت إجراء لقاء صحفي معه، سألني عن نوع جهاز التسجيل الذي معي، وأشار عليَّ بأن أذهب إلى سوق الجمجوم القريب من منزله بحي الرويس بجدة، وأشتري جهازاً أحدث، حيث إن صفاء الصوت به أفضل وكذلك جودة البطارية!
وحين كنت أتجول في أحد شوارع جدة مع صديقي الفنان فيصل العمري والذي كانت علاقته وطيدة بسراج، ولهذا قصة: فقد كنت في زيارة يوماً ما للموسيقار سراج في مكتبه بجمعية الثقافة والفنون بجدة وإذا به يقول لي: «يا محمد تعال أسمع هذا الصوت العجيب!»، ويكمل سراج فيقول: «أنا عندما استمعت له لأول مرة وقفت من مكاني»، ثم حرك سراج التسجيل فسمعت صوت فيصل العمري، فقلت له: «هذا صديق عمري.. ولعلمك يا أستاذنا فقد كان قد غنى معك قبل أكثر من عام دانة «مس ورد الخد» عندما كنتم في سهرة فنية عند بعض الأصدقاء»، فاستعجب سراج أكثر ولم يرد..
أعود لقصة تجوالي أنا والفنان فيصل العمري بشوارع جدة فأقول.. كان سراج قد بدأ عزلة عن الناس في ذلك الوقت لأسباب صحية ونفسية، ومرت فترة لم نره فيها، فالتفت عليَّ فيصل، وقال: «بما أننا قريبين من منزل العم سراج، إيش رايك نمر نسلم عليه؟»، قلت له: «هيا بنا!».. فاقترح فيصل ذو الحس المرهف أن نشتري له هدية بدل ذهابنا له فارغي الأيدي، فقلت له: «ونعم الفكرة».. فقال لي فيصل: «فيه جهاز (آيباد) جديد طلع إيش رايك في الفكرة؟»، قلت له: «فكرة سديدة بالطبع»، وبالفعل اشترينا هذا الجهاز الذي لم أكن أعرف استخدامه ولا زلت، وذهبنا به لمنزل الموسيقار وطرقنا الباب إلى أن خرج ابنه محمد وقال لنا إن والده يعتذر لظروفه الصحية، فأعطينا محمداً الجهاز وطلبنا منه أن يسلم على والده ونحن خائفون من هذه العزلة التي لم نكن ندري كم تطول، التقينا به بعدها في فترات متقطعة ومتباعدة حين يكون في مزاج جيد، لكن عزلته كانت مستمرة وكانت اللقاءات شحيحة.
في آخر مرة رأيته فيها كنت برفقة الفنان والملحن الماهر في العزف على العود ياسر الخنيزي وأمسك ياسر بالعود وغنى لسراج:
«عزَّت على عينه الدموع..
عند الوداع..
سلَّم.. بإيده للهوى
سلَّم وراح..»
وكان هذا سلامي الأخير لسراج عمر.. حيث إنه بالفعل «سلَّم وراح»!
وحين كنت أتجول في أحد شوارع جدة مع صديقي الفنان فيصل العمري والذي كانت علاقته وطيدة بسراج، ولهذا قصة: فقد كنت في زيارة يوماً ما للموسيقار سراج في مكتبه بجمعية الثقافة والفنون بجدة وإذا به يقول لي: «يا محمد تعال أسمع هذا الصوت العجيب!»، ويكمل سراج فيقول: «أنا عندما استمعت له لأول مرة وقفت من مكاني»، ثم حرك سراج التسجيل فسمعت صوت فيصل العمري، فقلت له: «هذا صديق عمري.. ولعلمك يا أستاذنا فقد كان قد غنى معك قبل أكثر من عام دانة «مس ورد الخد» عندما كنتم في سهرة فنية عند بعض الأصدقاء»، فاستعجب سراج أكثر ولم يرد..
أعود لقصة تجوالي أنا والفنان فيصل العمري بشوارع جدة فأقول.. كان سراج قد بدأ عزلة عن الناس في ذلك الوقت لأسباب صحية ونفسية، ومرت فترة لم نره فيها، فالتفت عليَّ فيصل، وقال: «بما أننا قريبين من منزل العم سراج، إيش رايك نمر نسلم عليه؟»، قلت له: «هيا بنا!».. فاقترح فيصل ذو الحس المرهف أن نشتري له هدية بدل ذهابنا له فارغي الأيدي، فقلت له: «ونعم الفكرة».. فقال لي فيصل: «فيه جهاز (آيباد) جديد طلع إيش رايك في الفكرة؟»، قلت له: «فكرة سديدة بالطبع»، وبالفعل اشترينا هذا الجهاز الذي لم أكن أعرف استخدامه ولا زلت، وذهبنا به لمنزل الموسيقار وطرقنا الباب إلى أن خرج ابنه محمد وقال لنا إن والده يعتذر لظروفه الصحية، فأعطينا محمداً الجهاز وطلبنا منه أن يسلم على والده ونحن خائفون من هذه العزلة التي لم نكن ندري كم تطول، التقينا به بعدها في فترات متقطعة ومتباعدة حين يكون في مزاج جيد، لكن عزلته كانت مستمرة وكانت اللقاءات شحيحة.
في آخر مرة رأيته فيها كنت برفقة الفنان والملحن الماهر في العزف على العود ياسر الخنيزي وأمسك ياسر بالعود وغنى لسراج:
«عزَّت على عينه الدموع..
عند الوداع..
سلَّم.. بإيده للهوى
سلَّم وراح..»
وكان هذا سلامي الأخير لسراج عمر.. حيث إنه بالفعل «سلَّم وراح»!